الوضع الراهن في اليمن المخاطر والسيناريوهات المحتلمة
بقلم/ م/ فهد العبسي
نشر منذ: 13 سنة و 7 أشهر و 26 يوماً
الثلاثاء 29 مارس - آذار 2011 07:23 م

يرى الكثير من المراقبون والمحللون السياسين الدوليون والمحليون أن نهاية النظام الحالي قد قربت ، واصبح من الصعب على الرئيس اليمني الحالي علي عبدالله صالح السيطرة على الوضع في ظل أمتداد وإتساع رقعة الإحتجاجات المطالبة برحيل النظام، بالإضافة إلى إنظمام القوة الضاربه في الجيش اليمني إلى جانب المتظاهرون، وتجدر الإشارة هنا إلى أن هذه القوة الضاربة هي نفسها التي كانت تعتبر اليد الطولى أو الحديدية للرئيس صالح نفسه في الفترة السابقة لثورة الشباب، فإنقسام الجيش اليمني وإنظمامه إلى الحركة الإحتجاجية المؤيدة لمطالب الشعب اعطى قوة لشباب التغيير إن لم نقل رجح كفة الشباب المحتجين والمطالبين بالتغيير وإسقاط النظام، وهذا ما يفسر تهاوي العديد من القيادات السابقة في المؤتمر الشعبي العام وإنظمامها إلى ثورة الشباب، إضافة إلى إستقالة العديد من السفراء والدبلوماسين اليمنين العاملين في السلك الدبلوماسي وتأيدهم لمطالب الشباب، إلى جانب تغيير النبرة في خطابات الرئيس الأخيرة والتي بدأ يكرر فيها كلمات لم تكن مدرجة في قاموس خطاباته السابقة، مثل ترك السلطة، والنقل السلس للسلطة، وكيف يتم نقل السلطة؟ كما يجدر التنويه إلى أن حواراته وخطاباته الحالية تحوي الكثير من التناقض والإرتباك، إضافة إلى المراوغة المعهودة في أسلوبه لإدارة الحوار مع المعارضة.

وفي ظل حتمية التغيير، يبقى السؤال الأعظم والأهم وهو إلى ما سوف تؤول إليه الأوضاع بعد رحيل النظام وما هي المخاطر والسيناريوهات المحتملة؟ وللإجابة على هذا السؤال هناك عدة إحتمالات مطروحة على الساحة وأهمها تكمن في التالي:

المخاطر

الخطر الأول تمزيق اليمن

بات من المؤكد أن الساحة اليمنية لم تشهد منذ عقود الإلتحام أو الإتحاد كما هو الحاصل الآن، ومن يزور ساحة التغيير أو الحرية وغيرها من الساحات في مختلف أنحاء الجمهورية، سيلاحظ ألوان متعددة من أطياف المجتمع اليمني ، وسيرى التناغم بين هذه المكونات، فقد أجتمع اليمني القادم من صعده مع افراد من أبناء القبائل الأخرى من مختلف المحافظات اليمنية وتناغموا جميعهم مع جموع الشعب المدنيين والشباب القادمون من جل ربوع اليمن جنوبها وشمالها وشرقها وغربها، وتركوا كل النزاعات والخلافات وهتفوا جميعا تحت شعار واحد ومطلب واحد وهو إسقاط النظام، وهذا يدل على أن الوحدة كامنة في أعماق كل اليمنيين في الشمال والجنوب. والقضية الحوثية ممكن أن تنتهي بتشكيل حزب سياسي للحركة الحوثية، واعطائهم الحرية في ممارسة الشعائر التي يؤمنون بها أي أن مطالبهم تكمن في الحريات والحقوق وهي من مبادئ وأهداف الثورة الشبابية، كما أن مشكلة الجنوبين ومطالبهم هي مطالب حقوقية، وقد أعطت الثورة الشبابية الأولويه لحل المطالب الحقوقية وتجسيد مبدأ الشراكة الحقيقي مع أبناء جنوب الوطن.

الخطر الثاني الحرب الأهلية

أكد المحتجون والمعتصمون في ساحة التغيير مراراً وتكراراً على سلمية الثورة وعدم إنتهاج أي أسلوب غير حضاري يضر بالثورة السلمية، ويتضح هذا جليا بإلتحام القبيلة مع شباب التغيير للمطالبة بالثورة السلمية وتخلي هذه الجموع القبلية عن سلاحها الذي لطالما أفتخرت به وكان جزء من هويتها القبلية، وجموع القبائل اليمنية الكبرى ومشائخها قد أنظمت للثورة، وبذلك سقطت ورقة التهديد بالقبيلة والحرب الأهلية من يد الرئيس، وعليه فإن الصورة السوداوية أو القاتمه والمتمثلة في قيام حرب أهلية، تبقى محصورة في ذهن الرئيس إن أراد أن يشعلها، وذلك من خلال سيطرة أبنائه وأبناء أخوته على الحرس الجمهوري والحرس الخاص والأمن المركزي، ويرفض الأبناء التخلي عن السلطة ويطمحون في أن يكون لهم دورا في الحياة السياسية مستقبلا.

الخطر الثالث تنظيم القاعدة

القاعدة هي الفزاعة التي تستخدمها الأنظمة العربية وغيرها من الأنظمة الأخرى من أجل البقاء في سدة الحكم بحجة مكافحة الإرهاب وإبتزاز الدول المانحة للحصول على المزيد من الدعم، وأثبتت الدلائل أنها ورقة رابحة بيد الأنظمة وتدار بالريموت كنترول في الوقت والزمن المناسب الذي يخدم مصالحها، على سبيل المثال تتزامن عمليات القاعدة مع عقد مؤتمرات للمانحين لمساعدة اليمن وتتوقف أو بمعنى أصح تتلاشى في أغلب الأوقات على سبيل المثال غيابها كليا عن الساحة في خليجي عشرين رغم أن الدورة الرياضية أقيمت في مناطق تعتبرها الدولة بؤرة للقاعدة.  

السيناريوهات المحتملة

تُسلم السلطة لمجلس عسكري

 هذا السيناريو يعتبر من أضعف الإحتمالات ويكاد يجمع عليه جميع الأطراف شباب ساحة التغيير، والمعارضة اليمنية وكذلك من هم في السلطة. و يرى شباب ساحة التغيير والحرية في مختلف المحافظات أن تسلم السلطة لمجلس عسكري يعتبر إجهاض حقيقي للثورة الشبابية التي نادوا وضحوا من أجلها.

نقل السلطة إلى نائب الرئيس

بموجب الدستور اليمني الحالي، يمكن للرئيس اليمني نقل السلطة لنائبه بالرغم من أن نائب الرئيس جاء عن طريق قرار تعيين من قبل الرئيس وليس عبر الإنتخابات من قبل الشعب، ولكن السؤال الأهم هنا هل النائب مستعد لتحمل مسئولية وتبعية هذا القرار، فمن يراقب مسيرة النائب خلال الفترة السابقة، يرى انه دأب على السير بجانب الحائط وتجنب الصدامات، إلا إذا أراد النائب أن يتحمل المسئولية التاريخية في هذه الفترة وهذا مستبعد، وفي حال رفض النائب تسلم السلطة يتم نقلها إلى رئيس البرلمان بحسب الدستور، وهذا أمر مستبعد كذلك، حيث وأن البرلمان الحالي قد أنتهت فترته ومدد له سنتين تنتهي في إبريل 2011م. إذا فخيار تسليم السلطة للنائب أو لرئيس مجلس النواب مستبعد أيضاً في ظل الظروف الراهنة وغياب الإجماع الوطني على ذلك.

نقل السلطة لمجلس رئاسي

من خلال المراقبة للبيانات الصادرة من ساحات التغيير وأهداف ومبادئ بعض التكتلات الشبابية المنبثقة من الساحة، يلاحظ أنه يشار إلى تشكيل مجلس رئاسي مؤقت في المرحلة الإنتقالية ضمن الأهداف المرحلية لثورة الشباب، وتختلف بعض الإئتلافات في عدد أعضاء مجلس الرئاسة فمنهم من يرى على أن يتم تشكيل مجلس رئاسي مكون من خمسة اعضاء، أربعة مدنيين والخامس عسكري ومنهم يرى أن يكون مجلس رئاسي جله مدنيين وآخرين يرون أن يكون تسعة أعضاء وغيرها، وأعتقد أنه يوجد شبه إجماع بين الشباب الحر على هذا الخيار، إلا إذا تدخلت الأحزاب السياسية عبر شبابها المتواجد في الساحة ورأت غير ذلك.

نقل السلطة لحكومة وحدة وطنية

ربما يعتبر هذا الخيار هو أكثر السيناريوهات نجاحاً للفترة الإنتقالية، بحيث يجمع أطراف العمل السياسي تحت طاولة واحدة بمن فيهم شخصيات من الأعضاء المستقيلون من المؤتمر الشعبي أو بما بات يعرف حاليا "البرلمانيون الاحرار" لتشرف على إتتخابات برلمانية حرة ونزيهه، والقيام بالتعديلات الدستورية اللازمة، والإنتخابات الرئاسية.