آخر الاخبار

الرئيس العليمي يبشّر بمعركة حاسمة ضد المليشيات ستنطلق من مأرب وبقية المحافظات ويؤكد :مأرب هي رمزا للجمهورية ووحدتها وبوابة النصر لاستعادة مؤسسات الدولة العليمي : مخاطبا طلاب كلية الطيران والدفاع الجوي بمارب : من خلالكم سوف تحقق اليمن المعجزات من أجل بناء القوات المسلحة واستعادة مؤسسات الدولة كانت في طريقها إلى جدة ..شركة«أمبري» البريطانية تعلن استهداف سفينة حاويات في البحر الأحمر أبرز تصريحات وزير الخارجية الأمريكي حول هجمات الحوثيين ومصير الأزمة اليمنية خلال الاجتماع مع نظرائه الخليجيين بالرياض حصري - شحنة المبيدات الاسرائيلية المسرطنة..دغسان يتوسل قيادات حويثة لطمس الفضيحة ويهدد قيادات أخرى تربطه معها شراكة سرية بهذا الأمر ثورة الجامعات الأمريكية تتسع .. خروج محاظن الصهيونية عن السيطره الإدارة الأمريكية تناشد جميع الدول وقف دعم طرفي الحرب في السودان ... وزارة الأوقاف توجه تحذيرا شديد اللهجة لوكالات الحج وتتوعد باتخاذ الإجراءات القانونية الصارمة الأقمار الصناعية.. تكشف المواقع والأنفاق السرية تحت الأرض للحوثيين... صور تحدد التحركات السرية للمليشيا في دار الرئاسة ومحافظة صعدة ومنشئات التخزين تقرير أممي مخيف يكشف: ''وفاة طفل كل 13 دقيقة في اليمن بأمراض يمكن الوقاية منها باللقاحات''

أنس ونسمة .. حكاية آلام بلا وطن
بقلم/ سالم مسهور
نشر منذ: 11 سنة و أسبوعين و 5 أيام
الثلاثاء 09 إبريل-نيسان 2013 05:32 م

تمر أيامنا هذه ثقيلة كثقل الجبال .. تمر ليالينا هذه حارة كلظى القيظ رغم أن لا شمس .. تمر بنا مرحلة من تاريخنا فيها شيء من الوجع .. فلا هو ذلك الوطن قد ولد .. ولا هي بلاد الغربة تؤجل شيئاً من أوجاعها .. فإلى ذات الوطن .. إلى عينه وفؤاده .. إننا والله نحبك .. فتعال كما أنت تشاء ..

لا نزال موجوعين بهذا الوطن .. ما نحتاجه وطن .. اتساءل ونحن في الجيل الثالث من الهجرة إلى البلاد السعودية عن هذه الحاجة التي تملئنا وجعاً .. وتكسونا ألماً .. كلما تساءلت عادت الإجابات ممتلئة بالوحشة .. بالعويل والبكاء .. ما نحن فيه لا يمكن أن نصوغه كلمات أبداً ..

** ** **

كم مرة في الرياض ذهبنا إلى مقبرة العود أو النسيم أو المنصورية ، كثير ما ذهبنا ، وكثير ما استحضر في رأسي لماذا يدفن فلان هنا ولا يدفن في الوطن ..؟؟ ، مع الموت يظهر هذا السؤال مسكوناً برغبة الحقيقة الدامية في وطني ، وطني الذي خرج منه الناس .. خرجوا هاربين بدينهم وإسلامهم ، وطني المصلوب هناك على رقعة واسعة من جنوب جزيرة العرب ، ذاك هو وطني حزين مكسور هو وأنا وأنت معنا ..

شخص قد لا يكون صاحب شأن ، لم أعرفه ولم يعرفني ، فقط تأمل عزيزي وعزيزتي في هذا المشهد التراجيدي ، تأمل ..

كألوف من شبابنا في حضرموت ، يتعلمون ويدرسون ، يخرجون إلى حياة يزاحمك فيها الفساد ، يأخذ منك حقك ونصيبك في النفط والزرع والسمك ، تعيش وفيك حسرات لا تنتهي ، تعود إلى منزلك منهكاً مجروحاً فقط لتتناول النوم ، وكأنه وجبة من الوجبات تبقيك حياً ترزقك ، كدوامة لا نهاية لها يعيش محمد صالح بن حرف وفي معيته ألوف وملايين ، بلا طموحات أو أمال أو حتى أحلام ..

محمد في مجتمعنا الحضرمي يتزوج ابنت عمته ، تمر الأيام فيها قليل من فرح ، تصاب الزوجة بمرض عضال ، يجمع محمد وأهله والأقرباء المال الشحيح ، تسافر الزوجة إلى مصر ، عضال هو المرض ، قلة في المال ، على الزوجة أن تعود إلى العقاد ، وعلى محمد أن يطبع قبلة في جبينها ، أنها قد ماتت ، فلا سبيل لعلاج فمرضانا نهايتهم الموت ، فشبح الفساد مزروع في كل مكان ..

يعيش محمد متألماً حزيناً ، كان يريد طفلاً ، يبحث عن ابتسامة الطفل الذي يحمل أسمه ، يعود الأهل لتزوجيه من قريبة له ، أشهر عشر يرزق فيها محمد بطفلين معاً ( أنس ونسمه ) هبة الوهاب حينما يعطي فهو يعطي بلا حساب ، تمنى طفل فإذا به يرزق بطفلين معاً ، يوم أول وأيام تتسابق ، البيت يعيش هذه الأيام في سعادة وأفراح ، حتى تفكر محمد كيف يؤمن لطفليه ووالديه المال ..؟؟ ، صعبة وعسيرة هي بلاده ، عليه أن يرحل إلى السعودية ليعمل عاماً أو عامين ، كذلك قالها غيره وما عادوا ..

على عتبة البيت احتضن محمد ولديه وعمرهما لم يتجاوز الثلاثة أشهر ، قبّل كل شيء فيهما ، العينان والشفتان ، اليدان والرجلان ، طبع من القبلات الكثير ، فهكذا يفعل أقرانه في وداعهم الأول وقد يكون الأخير ..

في الرياض حياة أخرى .. عزبة وشقاء ، قطعة عذاب ، جوازات وإقامات ومكتب عمل وإيجار شقة صغيرة أشبه ما تكون بالسجن عليك أن تتكيف بهذه الحياة بمراراتها وبردها وسمومها ، الاغتراب عذاب في عذاب ، على محمد أن يعيش فيه مكتوياً ومنحرقاً وموجوعاً ..

لم يكن له رغبة في شيء غير في رؤية أنس وتقبيل نسمه ، نبدأ حياته في الخيال ، وتنتهي في واقع الاغتراب ، فراق الأهل والأحبة والأولاد ، فراق الوطن القاسي هو ذات قسوة الحياة كلها ، هذه هي الرياض وتلك هي البلاد ، وبينهما محمد في شجن واشتياق ، في شجن واشتياق ..

السادس من ابريل 2013م يغفو كالعادة محمد بعد أن أدى صلاة الفجر ، يستيقظ قبل السابعة فمهمته هي ايقاظ زملائه كل صباح ، بعد ان استعدوا جميعاً للخروج إلى أعمالهم ، محمد يسقط ، يغمض عيناه .. أنس يبتسم ، ونسمه تحبو إليه .. يراهما وهما يقتربان .. يلامسان يداه .. ما أجملها من لحظة يا محمد .. كل شيء اللحظة بين محمد وأنس ونسمه .. زملائه يحملونه سريعاً إلى مستشفى الإيمان ، يصلون به ليسمعوا الخبر العاجل .. مات محمد ..

وطني

فاجعة اعتدناها .. فاجعة عشناها .. ألف ألف مرة .. يا وطني .. كمّ نحتاج إلى ترابك ليكون لنا قبراً .. يا وطني المسكون بالوجع أنّا والله نحتاجك مرقداً أن شئت .. أوجعتنا السنون المكسوات بالجروح والقروح ، أوجعتنا السنوات الطويلة هنا وهناك وفي كل مكان .. نحبك يا وطن .. نحبك حتى أننا نريد الموت فيك بكرامة واعتزاز ..

أي وطن هذا المسلوبة منه الحياة .. العلاج .. التعليم .. الكساء .. الطعام .. كل شيء في وطني مصاب بوجع أسمه فساد وظلم وتعسف وقهر .. يااااااااااااا وطني .. نحبك لو أردت أن تكون لنا قبراً ، فأننا نحبك ونعشق كل ما فيك ، فقط امنحنا الكرامة للحياة ..

إلى أنس ونسمه

لا تزالان صغار ، ستكبران ، وتتعلمان ، وتكتبان ، لم أعرف والدكما معرفة كاملة ، عرفته من قصته المألوفة فينا ، عندما تكبران تأملا فينا فيمن ترك البلاد ورحل ، سيكسوكما الحزن ، وما يكون الحزن إلا بفراق الأحبة والأهل ..

والدكما كان أنا ، وكان غيري من الناس ، وعندما تكبران وتعرفان ، لا أعلم أيكون الوطن قد جاء ..؟؟ ، ما أرجوه أن يكون الوطن معكما فيه الكرامة والحياة والعزة ، وأن لم يأتي فاقرءوا الرحمة علينا ، فالله راحمنا ويغفر لنا ولوالديكما ذنوبنا وذنبه ..

أنس .. نسمه

لا تنسونا من الدعاء ، ورحم الله محمد أبوكما

عودة إلى كتابات
الأكثر قراءة منذ أسبوع
الأكثر قراءة منذ 3 أيام
عبدالخالق عطشان
مأرب في حضرة الشيخ الزنداني
عبدالخالق عطشان
كتابات
احمد عبده الحذيفيالضّرب الأكاديمي
احمد عبده الحذيفي
فتحي أبو النصرجهود مضنية للأمل !
فتحي أبو النصر
فواز محمد اسكندرشرائح الموت تغزو اليمن
فواز محمد اسكندر
مشاهدة المزيد